اكتشاف مهم.. عينات القمر الصينية تكشف عن وجود جزيئات الماء

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— أدرك علماء صينيون وجود عنصر جديد لدى تحليلهم عيّنات التربة التي جلبها مسبارهم القمري من القمر، وهو: وجود الماء إلى جانب المعادن في التربة.

لكن العثور على الماء على سطح القمر ليس بالأمر الجديد بحد ذاته.

وسبق أن رصدت وكالة "ناسا"، والمركبات الفضائية الهندية، ما يُعتقد أنّه مياه على سطح القمر، كما اكتشف علماء صينيون العام الماضي، مياهًا محاصرة في حبات زجاجية متناثرة عبر القمر.

لكن بحسب العلماء، الاكتشاف الأخير يعتبر المرة الأولى التي يتم فيها العثور على الماء في شكله الجزيئي، "H2O"، في عيّنات فيزيائية. والأهم من ذلك أنه استخرج من جزء من القمر اعتُقِد سابقًا انه لا يمكن أن يكون موجودًا فيه بهذا الشكل.

وفحص باحثون عن كثب العينات التي جمعها المسبار الصيني " Chang'e-5"  الذي هبط على سطح القمر عام 2020، ووجدوا "بلورة شفافة منشورية تشبه صفيحة" توازي عرض شعرة إنسان تقريبًا، والتي كانت في الواقع تشكل "معدنًا قمريًا غير معروف" أُطلق عليه اسم " ULM-1"، وفقًا للدراسة المنشورة  بمجلة " Nature Astronomy"،في 16 يوليو/ تموز.

اكتشاف رائد.. عينات القمر الصينية تكشف عن وجود جزيئات الماء
مسبار " Chang'e-5" الصيني.Credit: STR / Contributor

وتتكون بلورة "ULM-1" من الماء بنسبة 41% تقريبًا، مع أجزاء من الأمونيا التي تحافظ على ثبات جزيئات " H2O" رُغم التقلبات الشديدة في درجات الحرارة على القمر، بحسب الدراسة.

وكتب العلماء في دراستهم أنّ هذا النوع من المياه قد يكون "موردًا محتملًا للسكن على سطح القمر".

وهذا الاكتشاف هو الأحدث عندما يأتي نتيجة جهود الصين الضخمة كي تصبح قوة فضائية مهيمنة، بطموحات كاسحة مثل بناء قاعدة بحثية على القمر. 

وأشاد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الصينيون المتحمسون بالدراسة، وأشاروا إلى كون برنامج الفضاء مصدرًا للفخر الوطني.

وقال العالِم الرئيسي بمعهد القمر والكواكب في تكساس، ديفيد أ. كرينغ، غير المشارك في الدراسة: "إن اكتشاف المعدن المائي في موقع هبوط Chang'e-5 لأمر رائع وسيعزز فهمنا لتفاعلات بخار الصخور في القشرة القمرية وعلى سطح القمر".

صعوبة عملية الاستخراج

هناك ثلاثة أنواع من المياه التي يمكن أن تكون موجودة على سطح القمر، بحسب يوكي تشيان عالم جيولوجيا الكواكب في جامعة هونغ كونغ غير المشارك في الدراسة.

وهي تشمل جزيئات الماء، أي المركّب الذي نعرفه باسم " H2O"، وشكله المتجمد، أي الجليد، إضافةً لمركب جزيئي يسمّى الهيدروكسيل، وهو قريب من الناحية الكيميائية.

وتشير الاكتشافات السابقة إلى وجود الماء على القمر عندما كانت البراكين تثور في الماضي السحيق، وأن الماء القمري جاء من تلك البراكين، أي أنّه جاء من داخل القمر، وهو هناك منذ بداية نشأة القمر.

ولكن لم يكن الأشخاص على علم دوما بوجود الماء على القمر، رُغم أنّ العلماء وضعوا نظريات حول وجوده منذ مئات السنين.

وفي السنوات الأخيرة فقط، اكتشف العلماء أن جزيئات الماء والجليد تقع في الغالب في القطبين القمريين المظلمين والباردين حيث لا تصل إليهما الشمس.

واقترحت دراسة حديثة أيضًا أن الماء أو الهيدروكسيل قد يكون محصورًا في حبات زجاجية متناثرة عبر سطح القمر، وأن الرياح الشمسية يمكن أن تُحوِّل الهيدروكسيل (وصيغته الكيميائية هو OH) إلى الماء، أو "H2O".

ولكن يصعب التنقل في قطبي القمر بسبب التضاريس الصخرية، ما يجعلها مواقع يصعب استخراج الماء منها بالنسبة للبشر.

وأوضح تشيان أن المياه الجزيئية "غير مستقرة في مناطق أخرى من القمر"، فهي تتبخر عند خطوط العرض المنخفضة حيث يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة 100 درجة مئوية.

وتغير هذه الدراسة الجديدة ذلك.

وجاءت العينات، التي استعادها المسبار الصيني "Chang’e-5"، من جزء يقع عند خط العرض الأوسط من القمر، وهي منطقة "غير مستقرة للمياه الجزيئية" عادةً، بحسب تشيان.

وأشار إلى أنّه تم العثور على مادة الأمونيوم في العينات، والتي تعمل كمثبت لجزيئات الماء.

وتدعم هذه الآلية أيضًا النتائج التي توصلت إليها وكالة "ناسا" في عام 2020، عندما اكتشف تلسكوب " SOFIA" الخاص بها وجود الماء على سطح القمر، مع أنّ العلماء لم يتمكنوا من التحقق من هذا الاكتشاف باستخدام عينات فيزيائية آنذاك، أو شرح كيفية بقاء الماء على السطح الساخن بالضبط.

وقال تشان: "أعتقد أن لهذا الاكتشاف الجديد، الذي ينص على أنه يمكننا استخراج المياه الجزيئية مباشرة من التربة القمرية، إمكانات كثيرة".

وتابع: "أعتقد أن هذه آلية جديدة لجعل الماء الجزيئي مستقرًا على سطح القمر".

ورُغم أن العينة جُمِعت من منطقة خطوط العرض الوسطى، إلا أنه "لم يكن من الواضح ما إذا كانت قد تشكلت هناك، ويمكن لعمليات الارتطام أن تعيد توزيع الصخور عبر سطح القمر"، بحسب كرينغ.