دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ممارسة الرياضة مع مدرب رياضي كانت حكرًا على الرياضيين النخبة، أو الأغنياء، والمشاهير. غير أنّ شعبية التدريب الشخصي زادت في الآونة الأخيرة، بعدما شهد سوق تدريب اللياقة البدنية نموًّا بنسبة 14٪ بين عامي 2022 و2023، وذلك بحسب مكتب إحصاءات العمل الأمريكي. وقالت الوكالة إنّ معدّل هذا النمو أسرع من متوسط جميع المهن.
وتشهد شعبية المدربين الشخصيين رواجًا عالميًا أيضًا، بعدما بلغت قيمة السوق العالمية لمدربي اللياقة البدنية الشخصية حوالي 41.8 مليار دولار في عام 2023، وتتوقع شركة أبحاث السوق "Future Market Insights" أن ترتفع هذه القيمة إلى 65.5 مليار دولار بحلول عام 2033.
لماذا ينتشر التدريب الشخصي على نطاق واسع اليوم؟ يقول الخبراء إن مردّ ذلك مجموعة متنوعة من العوامل تشمل ارتفاع معدلات السمنة، والوعي المتزايد لفوائد اللياقة البدنية، وكثرة الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الالتزام بنظام التمارين الرياضية بمفردهم.
كما تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث أيضًا إلى أن العمل مع مدرب شخصي يتمتع بمجموعة متنوعة من الفوائد.
أشارت دراسة أجريت في عام 2014، ونُشرت في مجلة "Journal of Strength and Conditioning Research" إلى أنّ الأشخاص الذين يقصدون النادي لممارسة الرياضة، ويتدرّبون تحت إشراف مدرّب شخصي عوض التمرّن على انفراد، شهدوا تحسينات أكبر بكثير في كتلة الجسم النحيل، وجوانب أخرى من اللياقة البدنية.
وفي دراسة أخرى وضعت في عام 2020، تناولت علم الشيخوخة وطب الشيخوخة، خفّف الأشخاص الأكبر سنًا الذين يعانون من الأمراض والحالات الطبية، من استخدام الأدوية بعدما مارسوا التمارين الرياضية تحت إشراف مدرّب شخصي.
كما وجدت دراسة أجريت في عام 2017، أنّ الأفراد الذين يتشاركون التمرين ضمن مجموعة صغيرة تحت إشراف مدرب شخصي، يعطي تدريبًا فرديًا أيضًا، أفادوا أنهم يتمتّعون بمزيد من الطاقة، وصحة أفضل، وثقة أكبر بالنفس ، فضلًا عن شعورهم بالرضا في الحياة.
قالت ماري وينغ، المدرّبة الشخصية المعتمدة، ومدرّبة الأداء في تطبيق اللياقة البدنية "Future"، إنّ أكبر فائدتين من الاستعانة بمدرّب شخصي، سواء كنت مبتدئًا أو محترفًا، هما المساءلة والتحفيز.
وأضافت وينغ، التي تقيم في مدينة سانفورد بولاية نورث كارولينا، وتدرّب زبائنها افتراضيًا أن "وجود شخص هناك لتحفيزك وتحميلك مسؤولية الحضور وإكمال التدريبات الخاصة بك أمر مهم".
كيف تبدأ؟
قد يكون التدريب في الهواء الطلق أو في المنزل أكثر ملاءمة لك، فيما يوفّر التدريب الافتراضي أكبر قدر من المرونة، إذ يمكن القيام به في أي مكان، حتى خلال السفر.
ومن الحكمة أيضًا الاستفسار عن خبرة المدرّب. وقال ألان ميسنر، المدرّب الشخصي المعتمد في بوكاس ديل تورو، في بنما: "إذا كنت أكبر سناً، أو مصاباً بمرض السكري، أو لديك مشاكل في المفاصل أو القلب، من المفيد أن تسأله عمّا إذا سبق ودرّب شخصًا يعاني من الظروف الصحية عينها".
وتابع ميسنر، المتخصص في تدريب كبار السن، ومضيف برنامج "40+ Fitness"، أنه قد يصعب العثور على مدرّب شخصي في صالة ألعاب رياضية كبيرة لديه تخصّص تدريبي. وردّ السبب إلى أنّه "يتعيّن عليهم العمل مع من يدخل من الباب". وتابع: "لكنّ الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا قد يعانون من آلام في الركبتين أو الظهر، أو اختلال في العضلات، الأمر الذي يتطلب الاهتمام والتفهّم".
تحتاج أيضًا للشعور بالراحة مع مدرّبك، حيث أنّ التجربة حميمة نوعًا ما. قم بإجراء مقابلة مع عدد قليل قبل اختيار واحد من بينهم. كما يجب أن يسألك المدرب عن أهدافك ويصغي لإجاباتك.
من المهم أيضًا معرفة أسلوب تدريبك، وعليك أن تكون واضحًا بشأن تفضيلاتك وتوقعاتك.
وعلّقت وينغ قائلة: "هذه برامج مخصّصة، لذا يتعيّن على الراغبين بالتدرب إخباري عمّا يبحثون عنه. ليس في وسعي التخمين. هل تحتاج إلى مزيد من التحفيز؟ أم تسجيل دخول يومي؟ أم أنت تدفع المال، لذا يجب أن تكون منفتحًا بشأن هذا الأمر".
وتوافق كل من وينغ وميسنر على أنّ فقدان الوزن هو الهدف الأسمى لغالبية زبائنهم. إذا كان هذا هو حالك أيضًا، فعليك أن تكون واقعيًا. ولفتت وينغ إلى أنه ليس من الصحي محاولة خسارة 3 كيلوغرامات في الأسبوع مثلًا. وأضاف ميسنر أن ممارسة الرياضة وحدها لن تؤدي إلى فقدان الوزن.
وقال: "لا أستطيع التخلص من الوزن الزائد بدلًا منك، لا سيما إذا كنت في الخمسينيات أو الستينيات من عمرك. إذا كان فقدان الوزن هدفك، فمن الأفضل أن ترى أخصائي تغذية".
ما هي المحاذير التي يجب الانتباه إليها؟
بمجرد اختيار المدرب الخاص بك، ثمة بعض المحاذير التي يجب الانتباه لها. بينما تريد مدربًا يدفعك، إنّما بحدود المعقول.
وأشارت وينغ إلى أنّ المدرّب الجيّد سيستمع دومًا إلى التعليقات. إذا قال العملاء أن التمرين كان غير مريح أو لم يعجبهم، فلا ينبغي عليه الاستمرار بممارسة هذا التمرين.
وخلص ميسنر إلى القول إن "اللياقة البدنية الحقيقية لا تتعلق بمقدار ما يمكنك رفعه من أثقال أو مدى سرعتك بالجري، بل أن تكون قادرًا على فتح الجرار الخاص بك، وخدمة نفسك عندما تبلغ الـ 105 أعوام، والقيام بكل الأمور التي تستمتع بها بقية حياتك. اللياقة الحقيقية هي أن تعيش الحياة التي تستحق أن تعيشها".